في الحرب لا يسعك أن تبحث عن دور.. فالأدوار تبحث عنك: إما بطلاً مقاوماً ينهي طقس جنازته باكراً كي يشارك أحبته الغناء.. أو خائناً لا ماء في بئ...
في الحرب لا يسعك أن تبحث عن دور.. فالأدوار تبحث عنك: إما بطلاً مقاوماً ينهي طقس جنازته باكراً كي يشارك أحبته الغناء.. أو خائناً لا ماء في بئر قلبه.. أو خائفاً يبحث عن طوق النجاة من نهايات مؤلمة
فكن من الصنف الأول...وقتها يكون الله خمس أصابع في كف كل مقاتل
ولا تكن لص مقابر..فتكتشف أن الجثة التي بعتها للتو كانت لأخيك
ولا تكن ضحيةً بلا سببٍ.. فالموتى لا تأتيهم الأحلام في نومتهم القسرية
في نفق الحرب المظلم تستطيع أن تترجل عن نجمتك وأن تهدي من تحب رصاصة.. ليقاتل بها دفاعاً عن هذا الحب
في زمن القتال.. تفقد الوردة اسمها ويصادر الجاني رائحتها وضوء الشمس.. فحذار أن يصادر أيضاً صوتك وعطر حبيبتك المفضل
في أيام الحسم.. يتباكى البعض على موسم الصيف والسياحة.. ويسند البعض الآخر جسده المرهق إلى صفصافة الصبر.. ويبقى نفرٌ قليل يصنعون من ذكريات الطفولة والصبا قنبلةً يدويةً يفجرونها في وجوه الغزاة.. وكلٌ منهم ينشد
لأستسهلن الصعب أو أدرك المنى
فما انقادت الآمال إلا لصابر
في عهد الصراع تضيع أشياء نبيلةٌ وجميلةٌ وسط الزحام وتحت دوي قصف عشوائي يسمونه العقاب الجماعي.. ولكن يبقى شخصٌ واحد على الأقل يذيق الغاصبين بعضاً مما نكابد ويلقنهم دروساً في أبجدية الذعر والنوم في الملاجيء ودوي صفارات الإنذار وكابوس الانفجارات والصواريخ.. وهو يردد
إن الجواهرَ في التراب جواهر
والأسد في قفص الحديد أسود
في زمن الاختبار والاختيار.. تخلع عنك معطف السخرية وترتدي ثوب الجد ولسان حالك يقول
سلامٌ على الدنيا.. سلامٌ على الورى
إذا ارتفع العصفور وانخفض النسر
في زمن البحث عن رمزٍ – أي رمزٍ- للصمود.. تنبت لقلبك الطيب مخالب.. لكنك تبقى في صف المعتزلة..إلى أن تولد السنابل من أرحام الصامدين الذين لا تخدعهم نعومة فراء الثعالب
دراكولا غادر قبره الأول في رومانيا واستصدر تأشيرة لفرانكشتاين.. لا ليبيع معه الياسمين وإنما ليستقرا سوياً في مستوطنةٍ تطل على جشع الغزاة وظمأ الغاصبين لمزيد من دماء الأبرياء.. من مرجعيون وعيترون والخيام..من بعلبك وصور وطرابلس.. من ضاحية بيروت الجنوبية والأشرفية.. لا فرق.. المهم أن يكون دماً بريئاً براءة كروم لبنان
في رائعة غسان كنفاني "عائد إلى حيفا".. يفاجأ الأب الفلسطيني بأن طفله الرضيع "خلدون" الذي كان قد نسيه في حيفا خلال عام ألف وتسعمائة وأربعة وثمانين بسبب المجازر الصهيونية ضد سكانها قد تحول إلى ضابط في الجيش الإسرائيلي
وتدور الأيام دورتها.. تمر وتمكر بنا..وها هي الصواريخ تزور حيفا مرة ثانية من دون استئذان كي توقظ "خلدون" من سباته العميق وتعيد إلى عروقه دماءه العربية
في عالمٍ يطفو على القتلى كعادته.. لا تنتظر ماء النهر كي تغتسل وتتطهر من ذنوبك وخطايا الآخرين.. كن أنت النهر.. الذي يؤدي واجب توزيع الأمل في الحرية.. كساعي بريد يعشق الرسائل التي يحملها في حقيبته اليدوية
في كونٍ فسيح كصدور أمهاتنا حين نحتاجهن..لا تجعل أرضك ضيقة كمربع على أرضية منزلك.. وامنحها الرحابة التي تريد ولو كان الثمن: دمك
أرضك .. عرضك
تلك هي جاذبيتك الأصيلة.. فاحفظ الدرس..ولا تشتري لأبنائك منفىً اسمه الوطن المحاصر من الوريد إلى الوريد
في حقبة الطرقات التي لا تؤدي إلا إلى الموت.. عليك أن تختار.. بل عليك ألا تحتار
فإما حياةٌ تسر الصديق
وإما مماتٌ يغيظ العدا
في محراب الصمت.. تكون الكتابة مقاومةً.. عصافير حنطية اللون.. تحط على الشجر اليابس فتعيد إليه لونه الأخضر.. وتنام على بلور قلبك فيورق حناناً يسقي حدائق الآخرين
في عصر الشياطين الخرس.. الساكتين عن الحق..تصبح الكتابة صوت الفكر والبيان ولسان الغائب وخليفة اللسان
فاكتب وتكلم.. ولا تسكت فتتألم
وإياك إياك.. أن تمشي كأنك غيرك
حقيقي يا ياسر فعل الكتابة مهم جدا في كل زمان ومكان فهو فعل مواجهة الزمان وتحديه و ما نفعله لا يقل اهمية عما فعله اول من بدء النشرات الصحفية في القرن التاسع عشر في امريكا ووزعها على عمال المعامل وادى لتراكم حركات حقوق العمال وحقوق المرأة وحقوق الاقليات
ReplyDeleteالكتابة فعل مقاوم لانه فعل يرفض الاستسلام واليأس
ياسر الحبيب نكتب وتكتب ونستمر وتستمر
فلا محال لليأس اليوم
أسامة: ياااااه.. اشتقت إليك أيها الصديق.. للأسف العمل يحاصرني هذه الأيام.. والماسنجر معطل لسبب لا أعرفه.. عود حميد إلى بيتك الثاني
ReplyDeleteنعم.. الكتابة فعل مقاومة.. فلنتواصل دائماً
يااااااه
ReplyDeleteاخيراً في مدونتك من جديد
أفتقدتك يا اخي ياسر وهأنذا اعود الي كلماتك من جديد
مودتي وتحياتي
أيمن الجندي: تحياتي لك يا دكتور أيمن.. عود حميد.. أرجو أن تستأنف أيضا الكتابة والتعليق لنتقاسم رغيف الأفكار.. محبتي
ReplyDeleteيااااااااه يا ياسر
ReplyDeleteده شعر فى صوره مقال
الله الله
حاسس اني باقرا المعادل النثري للا تصالح
اكتب وتكلم ولا تسكت فنتالم
كلام: شكراً لك..إنما نحن نكتب ما نشعر به في لحظات تشبه النفق المظلم تمر بها أمتنا
ReplyDelete"لا تصالح" ليست مجرد قصيدة وإنما صوت جيل رفض أن يصافح يد عدو تاريخي قتل منا الكثير ويضمر لنا السوء..نأمل ألا نرى تكراراً لذلك السيناريو المؤلم
yasser
ReplyDeleteو يحدث احيانا ان تبحث عنك هذه الادوار جميععها و تتلبسك دفعة واحدة فتصاب بحالة لا يمكن وصفها بعد
رات: أخذت أتخيل كيف ستكون الحال إن بحثت عن أحدنا هذه الأدوار جميعها.. فوجدت أنها ستكون بالفعل حالة يصعب وصفها
ReplyDeleteفقط.. انتبهي إلى نفسك
لفت انتباهى مقدمة كلامك فتسائلت لم لا تبحث الأدوار عن الحكام
ReplyDeleteكلامك شحننى
ياسر
ReplyDeleteالكتابة هي فعل المقاومة، وسلاح الفلاح الفصيح ضد الخوف المحاصر.
جميلة هي كتابتك، وأجمل منها رؤيتك للآتي.
سولو: الأدوار لا تبحث إلا عن الحاكم العادل.. فإن اختل ميزان العدل في يده أصبح مجرد اسم جديد يضاف إلى قائمة من ابتلينا بهم في تاريخنا.. وما أكثرهم
ReplyDeleteيسعدني أن أعرف أن كلماتي أعطت ولو دفعة بسيطة لكاتب جميل مثلك
طبيب نفسي: أيها الصديق.. ليس هناك مثلك أنت وأسامة ممن حين أقرأ لهم ألتقط خلف كل حرف حبات المعرفة والوعي من دون ادعاء.. أظن أنك تفهم ما أريد أن أقوله
الله
ReplyDeleteاول مرة اعدي هنا بس بجد اتوهمت.. ايه الجمال دا كله.. كل جملة اجمل من اللي قبلها عشان كدة مش عارفة اعلق على حاجة محددة .. حلو موت
Rose: شكراً لك على الزيارة وعلى كلماتك الرقيقة.. إنما نحن في قارب واحد نحاول أن نقول ما يعتمل في صدورنا في هذه اللحظة الدقيقة من عمر أمتنا
ReplyDeleteوكما يقول الشاعر صلاح عبد الصبور:
لاتبخس كلماتك ما تستأهله من قدر.. فالكلمة قد تفعل
ليت للصمت محراباً ، فلو كان له محراباً لكانت له صلاة ، و لكان له دين ، و الصمت دائماً بلا دين ، الصمت كافر و هو كفر القلب الحزين
ReplyDeleteجميلة جداً كلمات التدوينه دي و مضمونها و أحساسها و أفكارها و كل حاجة ، بجد من أجمل ما قرأت على الأطلاق
KING TOOOT
King Toot: الصمت هذه الأيام ليس من النعم.. فلا بد أن تتكلم خاصة أن الجميع رؤوسهم تحت حد السكين
ReplyDeleteأشكرك على الزيارة والتعليق.. وأهلاً بك دائماً أيها الملك الأصيل
بجد بدون مجامله كلام أكثر من رائع أتمنى زيارتك لي قريبا
ReplyDeleteHUMAN
Human: أشكرك.. حين تصل الكلمات إلى الآخرين تشعر بأنك أقرب إلى من يقرأون لك وأنهم أقرب إليك.. عبر جسر من الصدق
ReplyDeleteسأزورك قريباً
عفواً تأخرت زيارتي لمدونتك فقد كنت في غيبوبة
ReplyDeleteسأعمل بنصيحتك: "فاكتب وتكلم.. ولا تسكت فتتألم
وإياك إياك.. أن تمشي كأنك غيرك"
إنسانة: هذه المدونة هي مدونتك أيضاً... نحن نتواصل عبر جسر الكلمات الصادقة.. أملاً في أفعال أكثر صدقاً
ReplyDeleteواضح أن ما فاتني في عالم التدوين أثناء غيبوبتي لن يعوّض ..
ReplyDeleteجميل تفاؤلك أرجو أن أصاب بعدواه ..
ensana
ReplyDeleteشكرا لك على اهتمامك بالقراءة والمتابعة
لا بأس إن فاتك شيء، هناك دائماً أمل في التعويض واللحاق بما فات
في محراب الصمت.. تكون الكتابة مقاومةً.. عصافير حنطية اللون.. تحط على الشجر اليابس فتعيد إليه لونه الأخضر.. وتنام على بلور قلبك فيورق حناناً يسقي حدائق الآخرين .... كاتبتك اعادت إلى قلبي لونه الاحمر القاني
ReplyDeleteكنبيذ حروفك
شكرا استاذي
Besh
ReplyDeleteالعفو يا صديقي
على جسر المودة تنمو الكلمات كأنها الحارس الأخير للصدق في حياتنا
بالمناسبة، هذا النص قريب إلى نفسي لأسباب كثيرة
استاذي
ReplyDeleteيضاف لأفعالي تاء التأنيث
:)
Besh
ReplyDeleteحاضر، عُلم وينفذ
:)