أيّ هيكلٍ عظمي سأختار بعد الموت؟ أي امرأةٍ سأرتديها في حياتي الغامضة المقدسة؟ من تلك التي سيتقدّسُ اسمُها الهائل ورسمُها الرشيق في دمي؟ أف...
أيّ هيكلٍ عظمي سأختار بعد الموت؟
أي امرأةٍ سأرتديها في حياتي الغامضة المقدسة؟
من تلك التي سيتقدّسُ اسمُها الهائل ورسمُها الرشيق في دمي؟
أفكرُ في كتابة سيرة الغبار، وأن أروي مراثي الرجال عن
حبيبات العمر، وتلك القصص المبتورة بفعل الأقدار.
فالغرام ليس بالضرورة فردوسـًا سعيدًا، والذكريات أكياسٌ
تطير في الهواء. تستسلم في نهايات الأزقة البائسة أو تلتف حول أعمدة إنارة مطليةٍ
بالتباريح.
تُخيفنا ناياتُ الوحدة، وتُربكنا العلاقات الجديدة،
وأرواحنا لغةٌ غير قابلة للترجمة.
لكنه الحُبُّ، صوتُ الكمان الذي يهيمن دائمـًا
في سكينة، فيضيء روحك.
وربما هو الطيش بعمره القصير القصير ، أو عربات الرغبة المزركشة بالاشتهاء.
الكتابة هي بريدُنا الآمن، حتى نتابع حياتنا
برفق ونتفادى ميتاتنا المتكررة.
نجترُ الكلام عن الندوب القديمة وأكداسٍ من الأذى في تجارب
سابقة، ثم ننقل ذكرياتنا من سنةٍ إلى أخرى بفمٍ مائل وقلبٍ يرتعش.
المفارقة أننا جميعـًا نزعم عدم قدرتنا على قبول فكرة أننا
قد نؤذي أحدًا!
لكنها الاختلافات والخلافات، التي تكبُر وتتّسع يومـًا على
صدر يوم، حتّى تبتلعنا كأسماك قرش نهمة.
لا أبطال هنا ولا ضحايا، فقط بوحٌ متعدد الأصوات عن أسرار
الغيمات الصغيرة التي أمطرت في حياة الرواة.
بالرغم من أن سردَ قصص الغرام مليء
بالفجوات وإغفال الوقائع مثل ثغرةٍ في رواية التاريخ، فإنه من الجيِّد
دائمـًا التحدث عمَّن نحِبُّ. حديثٌ أشبه بالموسيقى التي تُناسِبُ الأناشيد.
الكتابة هنا هي هِبَةُ الافتِتَان.
وحدها المرأة القصيدة تُحرِّض الرجل على البوح، حتى وإن
كانت مدة العلاقة بينهما لا تتجاوز قبلة أو عناقـًا.
في مهبط الليل، تصير المرأة معبد الرجل، يدخله على أطراف
أصابعه، فيقفو أثر خطى العشاق، قبل أن يضع قُبلته في صندوق النذور.
غرامٌ له مهابته، لا يشبه الموت ولا الحياة، له مذاق الحلوى
التي حذرك الجميع من التهامها!
بعد سنواتٍ وسنوات من الإنصات والانتظار، من الترحال
والتجارب، قررتُ أن أحكي.
عن نساءٍ هن ينبوعُ الكلام، والجاذبية التي تسيل منها
الكتابة. يُعتِّقن العطرَ المسافر في الأثير بلا نهاية.
النحيلات ورقيقات الخصر، السمراوات
واللامعات من البياض، الطبيبات والمهندسات والمترجمات وربات البيوت. المتعقلات
واللواتي تجرُّهن عربات العاطفة.
حائراتٌ ومحيراتٌ كأنهن مطرٌ لا يصل الأرض. يمنحنك أي شيء
كما لو أنه لمرةٍ واحدةٍ وأخيرة.
عن رجالٍ نادمين يمضغون ماضيهم، ويحملون -بأمان الخائفين-
على ظهورهم المحنية قِربة من الكلام. يغنون تحت رذاذ الضوء، ويزفون بكارة الفجر
للعشب النديّ. كلما فتحوا باب الحديقة، بلّلوا لوحاتهم بألوان الشفق.
عشاق يولد في قلوبهم البرق ويقطنها الرعد. مغرمون يرون
الظلَّ المتطاول حقيقة.
يهتفون: شكرًا للدهشة.. إنها تُشعِرنا أننا أحياء.
يهمسون: كلنا نخافُ هجرَ من هجرنا
بالفعل.
بعضهم كان واديـًا يتغذى على نهرين أبقيا أرضه رطبة. بعضهم
الآخر بدا جبلًا شاهقـًا تغطي قمته الغيوم والضباب على مدار السنة. فريقٌ ثالث
يقال إن العواصف تسكنه كلما حاول مس الأبجدية.
الراوي رجلٌ، لكن الحكاية امرأة. نخلةٌ في دخيلة النفس،
وشجرة مشمش تُغني للحُبِّ والخمول، حتى تُحرِّضها الرِّيحُ على إسقاط ممالكها على
أرض الحقيقة. معزوفةٌ أخرجتْ اللحن العَصي من نهديها، وقالت لنفسها: أستحق الحنان.
كلّ حكايةٍ هنا حائرةٌ بين أن تكون قبلةً أو زفرة. سواء إن
كانت التفاصيل تقطر عسلًا أم ألمـًا، فإن بلاغتها تكمن في الحنين. هنا الأسطوريّ
يعانق الواقعيّ، على سرير حروفٍ فاتنة، لربما تُحوِّله الأيام إلى قمرٍ يدفنُ
خريفه في صدورنا. لا مفتاح ولا مقبض، فقط بابٌ يُفضي إلى المجهول.
هذه النصوص، إذا نظرنا إليها ككل، تشبه اللوحة الانطباعية؛
إذا قرّبت أنفك من اللوحة، فإن كل ما تراه يبدو مشوشًا؛ لكن إذا ابتعدتَ بضعَ
خطوات فسوف ترى أزهارًا، وحديقة وساحل بحر.
اقرأوا النصوص، لكن لا تُجهدوا أنفسكم في التحليل والتأويل
والاستنتاج، فقد كتبنا وتخيّلنا، وعدّلنا وبدّلنا بالقدر الذي يقضي على التلصص
والفضول.
كلنا أصابنا سهمُ الغرام يومـًا، وخبزنا اللهفة والحسرة والانتظار. كلنا
دفعنا إتاواتٍ للزمن. ربما عانينا أيضًا متلازمة القلب المُنكسِر. عند نقطةٍ معينة
من العلاقة أدركنا الحقيقة: كلُ شيء لا يُفضي إلى شيء.. ليس شيئـًا!
لا بدَّ أن الذين يقرؤون لنا يتألمون بصمتٍ مضاعف أو يأكلهم
الفضول مثل ذئابٍ شديدة الترصد.
أما نحن، فنحتفي بعجزنا تاركين للورثة سربَ
قصائد.
أتمنى لكم قراءة تجمع بين الفائدة والمتعة.
(مقدمة كتابي "كل يوم شوق"، دار ميريت، القاهرة، 2021)
-------
لكل من يستفسر عن الكتاب، أماكن توزيعه في المكتبات التالية (إضافة إلى مقر دار ميريت في ش صبري أبو علم، وسط البلد)، مع تمنياتي بقراءة ممتعة :
القاهرة :
1- مكتبة ديوان
159 ش 26 يوليو، الزمالك
هاتف: 26908184
مصر الجديدة : 105 ش أبو بكر الصديق
هاتف: 27362582 - 26908184
2-مكتبة دار الشروق – ميدان طلعت حرب
هاتف: 0223930643
سيتي ستارز - مدينة نصر
هاتف: 23912480 - 25735035- 24802544
3-روعة بوك ستور - 30 ش حسن عاصم، من ش البرازيل - الزمالك
هاتف:
01140178144
4- عمر بوك ستور - ش طلعت حرب، فوق فلفلة
هاتف: 23960047 / 01003361217
5- مكتبة ليلى - وسط البلد، بجوار الخطوط الجوية الليبية
6- مكتبة تنمية بوسط البلد، 18 ش هدى شعراوي متفرع من ش طلعت حرب، خلف مول البستان
هاتف: 01005029128/01111139636
7- مكتبة مدبولي - ميدان طلعت حرب
هاتف: 0225756421
8- مكتبة فكرة - سيتي ستارز - مدينة نصر
9- مكتبة كتب خان- المعادي
10- مكتبة الشرق الأوسط والجمل بالمطار
11- مكتبة الحسام
355 شارع 12 متفرع من شارع 9، المقطم، أمام كنتاكي ناصية مطعم روستو
المنصورة:
1- مكتبة بوكس آند بينز: 7 ش جزيرة الورد - المشاية السفلية
هاتف: 0502242285
2- المكتبة العصرية: المشاية السفلية، بجوار فندق مارشال الجزيرة
3- مكتبة كلمات: أمام كلية طب الأسنان - عمارة غانم، الدور الأول علوي
4- مكتبة الشوبري: أمام بوابة الجامعة، ش جيهان
5- مكتبة الصحافة
الإسكندرية :
1- مكتبة منشأة المعارف:
44 ش سعد زغلول - محطة الرمل
هاتف: 01221214657
2- مكتبة روايات الشباب
3- مترو سان ستيفانو مول
هاتف: 01003528603
4- مكتبة ديوان بالإسكندرية
5- مكتبة القلعة
15 ش علي ذو الفقار بكفر عبده
6- مكتبة ليليت
7- الخياط بوك ستور
طنطا:
المكتبة القومية الحديثة: 6 شارع القاضي
هاتف: 0403349069
الشرقية /الزقازيق:
1- الميدان
2- مكتبة حروف
بورسعيد:
1- كتابيكو
2- أولاد نسيم
أسيوط:
مكتبة ومضة
الأقصر:
مكتبة حرف - حي الفيروز ، ش عبدالله بن مسعود، أمام مديرية الأمن
- منصة BookBuz
-منصة iread
- منصة أسفار
ردود