في مملكة الغناء، يستقيمُ العقل ويميلُ القلب. تُكسِبكَ الموسيقى مهارة الوقوع في فخ الغرام والحماسة والأمل. تُرتِّبُ صوركَ في الذاكرة، وتت...
في مملكة الغناء، يستقيمُ العقل ويميلُ القلب.
تُكسِبكَ الموسيقى مهارة الوقوع في فخ الغرام
والحماسة والأمل. تُرتِّبُ صوركَ في الذاكرة، وتتهجى حروفَ أسماء أحبتك بالقربِ
مِنَ القلب.
إنها لحظة ابتهاج الروح، وهي في الوقت نفسه، لغة
الوجود. تركيبة نادرة من العمق والبساطة، تمنحك تفاصيلها فرصة استضافة المطلق، والاستمتاع
بتجلياته في الوجود والحقيقة والفن.
الموسيقى هي في الأصل تمرد. هناك دومًا من
يتمردون على السائد، وهناك من يتمردون داخله. ربما يقاد هذا التمرد بالإيقاع
والبيانو، أو عبر موسيقى متقلبة المزاج تُعزف بين الحين والآخر على الفلوت
والوتريات، وما يرافقها من أجراس وطبول.
تلعب النغمة دورًا مفصليًا في حياتنا اليوميّة.
كل شيء يمكن أن يصبح أجمل أو أقل وحشة بوجود الموسيقى. إنها ثراء بلا ضفاف، وهي
أيضـًا همسٌ شجي تتعانق فيه الحروف والنغمات الدافئة، فتلخص شعبـًا بعاداته وطقوسه
وعلاقاته الاجتماعية.
وإذا كان أوسكار وايلد يقول إننا نُحِبّ الأشخاص
لأنّ ثمّة موسيقى تصدرُ منهم دون أن يسمعهَا أحد غيرنا، فإن هذا يؤكد قداسة طنين
الكون، ولغة الطّبيعة الحيّة، والطاقة التّي تُعبِّر عن ذاتها.
تلعب الأغاني بُعدًا أساسيـًا في المنظومة
الثقافية وفي إعادة إنتاج الخطابات الثقافية والاجتماعية بكل ما تفترضه وتتضمنه عن
الفرد والجماعة والمكان والذاكرة المشتركة.
وبينما يقفُ المغني باسطـًا صوته في تلك
المساحات الشاسعة الممتدة، من أقاصي الجواب إلى حدود القرار، نتذكر مقولة أورباخ،
التي يقول فيها إن «الموسيقى تغسل غبار الحياة اليوميّة من الروح».
وسواءً أكانت نسغـًا صوفيًا أو أمازيغيًا
أو أندلسيًا، فإن ما يحمله صوتٌ نحبُّه هو الرسائل الأكثر قدرةً على إسعادنا. ذلك
أن الموسيقى لغة إنسانيّة تستخدم الأنغام والإيقاعات لتنقل إلى المستمع مضمونـًا لا
يحتاج إلى ترجمة أو شرح. لغة تخاطب عقل الإنسان ووجدانه، ويكفي الإصغاء إليها،
والتركيز على إيحاءاتها، حتى تتصاعد منها مشاعر ومعانٍ تستقر تلقائيـًا في أعماق
نفوسنا ووعينا، لكن عملية الإصغاء ليست أمرًا سهلًا، وإنما تحتاج إلى تدريب متدرج.
تحلِّق الموسيقى العارية إلا من
النغمات بالخيال الإنساني، وتؤثر الأغنية بقوة في أحاسيس المرء المختلفة من الحُب
إلى الحزن أو السعادة الطافية، وأيضـًا بعث الحماسة والقوة عند البعض. إنها نداء
الفرح وعزاء من جرحتهم أظفارُ النسيان. وبذا تكون الموسيقى هي أداة التوحد الأولى مع
الجمال، ورسول الأصوات الباعثة على حُبِّ الحياة.
عندما تُعزفُ الموسيقى، يكتملُ
البدرُ، ويكسو البهاءُ كل الكون تقريبًا، ويحلُ الصفاءُ من فوره في وجدانِ كل
مستمعٍ حالم، ويتبوأ الجمالُ مِقعده في فراديس النفوس التي اتسعت محبتها، ورحُبَ
ربيعها ولو في غيرِ أوان.
عندما تُعزفُ الموسيقى، تختفي مظاهرُ
القبح، وتجرُ الجهامةُ أذيالها خائبة ومُنكسرة، غير مأسوفٍ عليها.
في القاعة الموسيقية، يستولي السحرُ
على الحضور، ويُقيدهم بأشرطة حريرية إلى مقاعدهم، ويهبهم تذاكرَ مجانية غير مُحددة
الوجهات، كل ما عليهم فعله هو أن يُغمضوا أعينهم مُرتحلين عبرَ هذه الغلالة
الشفيفة، الواقعة ما بين البدن والروح.
ويمكن القول إن هذا الكتاب يعتني
بتقديم موضوعاتٍ وثيقة الصلة بعالم الموسيقى والغناء في العالم العربي، تُثبِتُ أن
الخصوصية المحلية هي التي تحلق إلى العالمية. تنطلق صفحاتُ الكتاب متتبعةً الرحلة الشامية التي قام بها الشيخ سلامة حجازي، وتسعى
إلى إلقاء الضوء على شخصيات موسيقية مثل صليبا القطريب.. صاحب الريشة المقلوبة، ورياض
البندك.. معجزة بيت لحم، والملحن والمغني البحريني سلمان زيمان وتجربة فرقة «أجراس»،
وعليّة التونسية.. صاحبة أغنية «ع اللّي جرى».
ويحكي الكتاب باستفاضة عن عبدالعظيم عبدالحق، ملحن
العديد من الأغاني المعروفة ومنها أغنية «تحت الشّجر»، ومأساة حامد مرسي، الذي حمل
لقب «بلبل مصر»، كما يحتفي المؤلف بأعمال أندريا رايدر، رائد الموسيقى التصويرية
في مصر، ويتطرق إلى الحس الموسيقي لدى المخرج يوسف شاهين.. المايسترو الضالّ!
ولا يفوتنا فتح ملف المحاكمة المثيرة للجدل التي
أقيمت للشاعر الغنائي مرسي جميل عزيز، في فصلٍ يحمل عنوان: محاكمة «قرصان
الأغاني»!
يتناول الكتاب موضوعات وملفات مختلفة، مثل فن
المقاومة الوطنية في «جنود الكلمة.. في المعركة»، و«محلاك يا مصري». وتحت عنوان «ميادة
الحناوي وأخواتها.. المنع والدموع!»، يتطرق الكتاب إلى قضايا المنع من السفر أو
دخول البلاد التي تعرّض لها مطربون ومطربون.
ونقدِّم أيضـًا فصلين مهمين، هما «رحلة الحج
بالحنجرة المصرية»، الذي يقدِّم لنا صورة شاملة عن أغاني الحج والحنين إلى بيت
الله الحرام، و«أمير الشعراء في مملكة الغناء»، عن إسهامات الشاعر أحمد شوقي في
عالم الأغنية.
ونختم بفتح ملف المطربين المصريين الذين
ابتلعتهم الألفية الثالثة، فاختفوا أو ابتعدوا لسببٍ أو آخر عن الساحة الغنائية،
وامتد غيابهم لسنواتٍ طويلة.
يأتي هذا الكتاب بفصوله المتتالية كمحاولةٍ متواضعة
لسد الفراغ في مكتبتنا الموسيقية العربية، ويهدف في الوقت نفسه إلى إعلاء شأن
الموسيقى، وإظهار مدى قدرتها على الاستقلال في التعبير، وإضافة لبنةٍ إلى حركة
النقد الموسيقي، باعتبارها طريق إعادة الأغنية إلى مسارها الصحيح من جديد، ورفع
الذوق العام المفتقد منذ سنوات طويلة.
أتمنى لكم قراءة تجمع بين الفائدة والمتعة.
(مقدمة كتابي: الموسيقى العارية: أساطير في مملكة الغناء - دار زين، 2021)
-----
لكل من يستفسر عن الكتاب الصادر عن دار زين، أماكن توزيعه في المكتبات التالية، مع تمنياتي
بقراءة ممتعة :
أماكن التوزيع:
* القاهرة
- وسط البلد
• مكتبة إبداع
• عمر بوك
ستور
• مكتبة مبتدأ
• مكتبة ليلى
- الحلمية
• المكتبة
الوطنية
- الدقي
• مكتبة الأزهري
* الإسكندرية
• مكتبة بيت
الكتب
• مؤسسة حورس
* السويس
• مكتبة جيل
المستقبل
* كفر الشيخ
• الأتينيو
بفوة
• مكتبة بتانة
* المنصورة
• بوك لايف
ستور
• فيجن بوك
ستور
* طنطا
• المكتبة
القومية
* المنيا
• مكتبة كنديد
بملّوي
* سوهاج
• مكتبة البطش
* أسيوط
• مكتبة ومضة
* دمياط
الجديدة
• مكتبة
الوفاء
- أونلاين
لجميع المحافظات على Zein
Bookstore
- أونلاين لجميع دول العالم
على موقع النيل والفرات
---------------
أماكن التوزيع
القاهرة
مكتبات الشروق
مكتبات ديوان
فيرجن
مكتبات أ
ليلى "وسط البلد"
كتب خان "المعادي"
الأهرام
أطياف "وسط البلد"
الأزهري "المعادي"
الكتبجية "المعادي"
مداد "التجمع الخامس"
الرشاد "مدينة نصر"
آدم "المعادي"
السراج "المعادي"
أقلام "وسط البلد"
ك "عين شمس"
الإسكندرية
روايات الشباب
بورسعيد
كشك الأهرام
المنوفية
أنتيكا
المنصورة
الشوبري
الشرقية
حروف
أسيوط
ومضة
طنطا
الصحافة
القومية
دمنهور
كريم
سوهاج
البطش
---
دول عربية
الإمارات:
زين المعاني
ردود