لسوء الحظ، لا أحد يعرف متى تولد الموهبة . لحسن الحظ، لا أحد يعلم متى تتلاشى! هكذا ينتهي الأمر بكثيرٍ من أصحاب الموهبة ...
لسوء الحظ، لا أحد يعرف متى تولد الموهبة.
لحسن الحظ، لا أحد يعلم متى تتلاشى!
هكذا ينتهي الأمر بكثيرٍ من أصحاب
الموهبة إلى العزلة، مثل
منبوذين يعتصمون بجبلٍ لا يعتليه أحد.
كيف غابَ النابغة ما بينَ الغيومِ
وتلالِ الجّبالِ؟
متى صار كيسَ نايلون شفاف يعبث به
الهواء؟
هل فَقَدَ الطريق مُذ أورثته السنون عينَ
الهباءِ؟
«التفرّدُ هدّامٌ».
لم تعد قواميس الحياة كافيةً
لتفسير الغياب.
لم تعد هناك قدرةٌ على الحديث عن
الملائكة الذين صادفتُهم، ولا الشياطين الذين اصطدتهم وهم يورقون دمًا ويستحمون
على شرفات الوجود.
ذابتْ تماثيل الشمع، وصرتُ أنا
الدمعَ المُذاب.
كذئبٍ غير مرئي.. كذنبٍ غير منسي،
أخترعُ الشوارع والبيوت، وأكتشفُ طرائق جديدة للحياة.
دائمًا هناك وجهٌ آخر للأشياء،
التي قد نستمتع بها أو ننجذب إليها، حتى وإن كنا ننكر الأمر ونزعم غير ذلك.
خلف النافذة المبللة بالندى
والضباب، تلوحُ لي مدونتي بمنديلها الأبيض المعطَّر بالمسرات.
و«قبل الطوفان» هي تلك الأحلام
المنقضية، وقداستنا الواهنة التي تؤنس العتمة، وتجلو طمأنينةً صَدِئةً تقاوم قلقَ الجهات.
ربما يراها البعض صحيفة لا أحد، لكنها لم تكن يومًا
تذكارًا من غبار.
في الذكرى السادسة عشرة لإنشاء
مدونة «قبل الطوفان»، يغمرني وهجٌ مباغتٌ؛ وأنا أترنحُ وسطَ علاماتٍ تائهةٍ.
الخلايا تنطفئ، لكن الطريق هو
الطريق.
وفي ساحة الوجود، عليكَ أنْ تملأَ
عينيكَ بنهاياتِ الدروبِ أوَّلًا، قبل أن تحتفل بدون كلماتٍ زائدة.
ليس أمامي، إذن، سوى الهوامش التي
تضيء على حواف الصفحات.
من رحيق المطابع، صدر لنا «طقوس الجنون» (2021) عن إرهاصات الفقد، وترانيم
المكائد، والانتظارِ الأرعنِ التي يمارسه عشاقُ الأمل.
«الموسيقى العارية: أساطير
في مملكة الغناء» (2021) عن صوتِ الهديلِ المُعَرِّشِ، والألحان التي تنسجُ رنينَ المقامِ وتَحِفُ اللغات.
«كلَّ يومٍ شوق» (2021) عن سلالة الغوايات التي تتسلقني، وقلائد
الأميرات التي تحتفل بخبيئتها في كهوف الذكريات.
«سقف العالم» (2022) عن النقد الذي يُرَوِّضُ المعنى
ويعبرُ دهاليز الرمل والصخور في كتاباتٍ بارعة.
«جامعُ الشهوات» (2022) عن الشعاع الذي يتشظى في حياة رجلٍ
أنضجته نارُ الاغتراب.
شجرة العمر أعلى من يأسها، وهذه الحكمة
أحصنةٌ هاربة يغريها الجنون.
فلنمشِ معًا في الوقت القليل الذّي
تبقّى، ولندعْ كفَّ الليل تصفقُ كلما تَدلَّت فكرةٌ أو صورة من نافذة الحياة.
ردود