الحرب في منزل طه حسين

اكتبوا، تصحوا. وأنت حين تقرأ أو تكتب، تفكرُ وتتدبَّر، وتدفع ظنـًا بيقين، حتى تنتهي إلى مقطعٍ من الحق، وتقف على مطمئنٍ من الرأ...

اكتبوا، تصحوا.

وأنت حين تقرأ أو تكتب، تفكرُ وتتدبَّر، وتدفع ظنـًا بيقين، حتى تنتهي إلى مقطعٍ من الحق، وتقف على مطمئنٍ من الرأي.

وحدها الكتابة تجترح الأسئلة وتطرق الأبواب محاولةً أن تعيد توازن هذا الكون المرعب. وفي تجربة الكتابة، على طمعٍ تغوي الحياة، كأنها الخلود.

بالنسبة لكاتب هذه السطور، تبدو قراءة النص الأدبي سلطة أخرى يمارسها القارئ أو الناقد متكئـًا على خبراته القرائية وثقافته الذاتية وذائقته الخاصة، وهي بالتالي محاولة لاستكشاف أوجه الجمال والنقص في الأعمال الإبداعية، لا يمكن القول بأنها محاولة تحتكر الحقيقة بأي حال.

أما ما أما النص الروائي المبتكر، فلا بدّ أن يكون حاملًا لحيويته ونضارته وجدّته، كما يجب أن يحافظ على عناصر تشويقه الداخلية وإيقاعه الخاص، وأن يتجنب التكرار والجفاف والسرد الميكانيكي الرتيب.

من شروط الكتابة الجيدة أن تتعدى حدود الكاتب وتتجاوزها، لتتفحص وقع العبارة في ذهنية المستمع، فترى مدى انسجام الفكرة التي تحملها الكلماتُ مع جملةِ استعداداتِ جمهور القراء ومع عاداتهم وتوجهاتهم العقلية والأخلاقية والمعرفية والوجدانية.

إن حرفـًا لا يُقْرَأ، لهو حرفٌ يقتلُ كاتبه. من هنا تأتي أهمية اعتناء الكاتب بحروفه، واهتمام القارئ بتلك الحروف.

في كل الأحوال، ينبغي على القارئ الحصيف أن يتمتّع بذخيرة الناقد المؤهّل، من ثقافة وعمق وإحساس، وأن يذهب إلى ما وراء المظاهر؛ ليُفرّق بين الغث والسمين. وربما يتعين عليه أيضـًا الإقبال على الروايات والقصص، بلا شوكةِ المناهج أو سِكّينِ النظريّات، فيغترف منها ما يشاء.

أما الكاتب فإن عليه مهمة الإبداع مع واجب الإتقان. فإن كتب، تعيَّن عليه أن يخط بقلمه ببراعة محترف ومهارة صانعٍ مجدد، بكامل الهالة الفريدة التي تحيط بالحكواتي، ثم يرى الأثر الذي يُحدِثه كل مليمتر تعديل يجريه في ترتيب نصه الإبداعي.

في رأينا أن المبدع الحقيقي صوتٌ عَصيٌّ على التصنيف ودقيق الفروق إلى درجةٍ يستحيل معها دمجه في النقاش «مع أو ضد». إنه كاتبٌ خارج الفكر الكسول، يبدع حتى وإن كتب دون استعارات، وينتمي إلى سلالة إنسانية نبيلة في طريقها إلى الزوال.

«نكتب للتخلُّص من ثقل يُطبقُ علينا» يتحدث الروائي الفلسطيني إبراهيم نصر الله في لحظة تتويج رائعة بجائزة بوكر العربية عام 2018، «لكن ما يحدثُ أنك ككاتب تكتشفُ حين تخرج من عمل كهذا أنكَ أضفتَ ثقلًا جديدًا على جسدك وروحك، لأنك أدركتَ المعضلةَ، أو الكارثةَ أكثر».

وللحق، فإن حِرفة الأدب مازالت حية. هناك من إذا كتب دلَّ على مهارة الصانع في اشتغاله على نسيج النص، الذي ليس للقارئ أن يتفادى أثره الشفيف وهو يعبر وسط  مفرداته التى تشرق في الروح وتنهض بفضلها كل الحواس.

أما النقد الأدبي، فلا يوجد ورثة حقيقيون لجيل النقاد الكبار، رغم وجود اجتهادات تستحق التقدير، لكنها تظل جهودًا فردية دون مستوى الطموحات.

في النقد الأدبي ومراجعات الكتب حاليـًا، المجاملة هي القاعدة.

مراجعات الكتب في بلادنا، قوةٌ فاسدة، تسمح بالتضخيم والمبالغة غير النزيهة في إطراء أعمالٍ بعينها، انطلاقـًا من علاقات صداقة أو مصالح.

غابت المعايير، فتراجعت الذائقة الأدبية واستشرت "المجاملات اللطيفة" على حساب النقد الأدبي النزيه. والنتيجة نسيجٌ زائفٌ من الترشيحات، والقوائم، والحملات الترويجية، يضلل القراء والمجتمع.

يبقى أن خصائص كل عملٍ فني متكامل يعتمد بعضها على بعض ولا يُفهَم بعضُها إلا في ضوء بعضها الآخر.

الإعجاب لا يمنعُ الفطنة.

إذ تميل الرواية العربية، اليوم، إلى تجاوز السرد المعهود. يسعى بعض هذا السرد إلى أن يرتقي فنيـًا، ببناء عالم روايته، إلى مستوى إنساني عام، في حين لا يكترث بعضه الآخر -وهو الأغلب الأعم- بعملية البناء الفني ومقتضيات السياق السردي، من حيث علاقته بالزمان والمكان.

وربما جاز القول إن ثقل الأحداث وكثافتها، من جهة، وتعقيدات الوضع المعيش وفداحته، من جهة أخرى، دفعا إلى سردٍ مفتوح، يتجاوز قيود الشكل الروائي. وإذا كانت بعض الأعمال الإبداعية جنحت إلى «الديستوبيا»، فإن أعمالًا أخرى مالت إلى حِداد المثل الأعلى، واليوتوبيا، التي تحلم بمثاليةٍ مفرطة.

استطاع البعضُ تشييد عمران استثنائي يتسم بالرشاقة، في روايات تتمرد على السائد المألوف، وتمكن آخرون من«أنسنة الأشياء» واستنطاق الجمادات أو النطق بلسانها، ببراعةٍ وإتقان.

إن الثقافة هي ذلك الفضاء الرحب الذي يتسعُ لغاياتٍ ومقاصد إنسانية مختلفة، طبيعية كانت أم إبداعية، وتُحدِّد الثقافة اختلاف مستويات الرُّقي والإبداع الفردي من مجتمع لآخر. من هذا المنطلق أخذنا الإسكندرية مثالًا على المدينة التي شكّلها التنوع الثقافي الفريد، ورسمنا صورتها عبر عيون المبدعين والباحثين والمقيمين الأجانب، منذ الاحتلال البريطاني لمصر وحتى مطلع ستينيات القرن العشرين.

إن نسبة نصوص معينة إلى مؤلفين يمنح تلك النصوص سلطة ما. غير أننا نهتم هنا بالنص أكثر من تأثرنا باسم كاتبه. فالمجد الذي يمكن أن يتحقق للكتابة، أي كتابة، هو أن تنتسب إلى ما يدوم ويبقى. لا تنفتح الكتابة على هذا الأفق القصيّ إلا إذا تقدَّمها ما يسميه المتصوفة «صدق الطلب»، وتقدَّمها ما يسميه نيتشه بمعاناة المعرفة.

هنا، في الكتاب الذي بين أيديكم نعيد قراءة نصوص إبداعية مختلفة، ونزور التاريخ والجغرافيا، كما هي الحال في الفصل الخاص بأجانب الإسكندرية، ونطلق سراح النصوص والمساجلات الأدبية المعتقة، التي تتسم ببراعة السرد وبذخ الخيال، ونعيد قراءة روايات عن البصيرة والروح والحساسية تجاه العالم، ونفتح ملفات فكرية وثقافية تختفي فيها حواجز اللغة والزمان والمكان، وننهل من المعرفة ما استطعنا، لتكتمل فكرة النقد مع الإبداع، وتتكامل أسئلة الحاضر مع استقراء صفحات الماضي، في تطوافٍ لا يخلو من التذوق والتأمل والتفكُّر.

ومعلومٌ أن الثقافة المصرية ازدهرت خلال النصف الأول من القرن العشرين حين كانت نشاطـًا خاصـًا تنهض به الجماعات والأفراد، ولا تشارك فيه الدولة إلا بقدرٍ محدد في ميادين معينة.

وربما كان هذا أحد أسباب توهج الثقافة والمثقفين في النصف الأول من القرن العشرين، كما سنلمس عبر صفحات هذا الكتاب.

أتمنى لكم قراءة تجمع بين الفائدة والمتعة.

من مقدمة كتابي "الحرب في منزل طه حسين"، دار زين، القاهرة، 2019.

لكل من يستفسر عن الكتاب، أماكن توزيعه في المكتبات التالية، مع تمنياتي بقراءة ممتعة :

القاهرة :

1-     مكتبة ديوان 

159 ش 26 يوليو، الزمالك
هاتف: 26908184

مصر الجديدة : 105 ش أبو بكر الصديق

هاتف:  27362582 - 26908184

2-مكتبة دار الشروق – ميدان طلعت حرب

هاتف: 0223930643

سيتي ستارز - مدينة نصر

هاتف:  23912480 - 25735035- 24802544

3-روعة بوك ستور - 30 ش حسن عاصم، من ش البرازيل - الزمالك
هاتف:
01140178144

4- عمر بوك ستور - ش طلعت حرب، فوق فلفلة
هاتف: 23960047 / 01003361217

5- مكتبة ليلى - وسط البلد، بجوار الخطوط الجوية الليبية

6- مكتبة تنمية بوسط البلد، 18 ش هدى شعراوي متفرع من ش طلعت حرب، خلف مول البستان 
هاتف: 01005029128/01111139636

7- مكتبة مدبولي - ميدان طلعت حرب

هاتف: 0225756421

8- مكتبة فكرة - سيتي ستارز - مدينة نصر

9- مكتبة كتب خان- المعادي

10- مكتبة الشرق الأوسط والجمل بالمطار

11- مكتبة الحسام

355 شارع 12 متفرع من شارع 9، المقطم، أمام كنتاكي ناصية مطعم روستو

المنصورة:

1-      مكتبة بوكس آند بينز: 7 ش جزيرة الورد - المشاية السفلية

هاتف: 0502242285

2-     المكتبة العصرية: المشاية السفلية، بجوار فندق مارشال الجزيرة

3-     مكتبة كلمات: أمام كلية طب الأسنان - عمارة غانم، الدور الأول علوي

4-     مكتبة الشوبري: أمام بوابة الجامعة، ش جيهان

5-     مكتبة الصحافة

الإسكندرية :

1-     مكتبة منشأة المعارف:

44 ش سعد زغلول - محطة الرمل

هاتف: 01221214657

2-     مكتبة روايات الشباب

3-     مترو سان ستيفانو مول

هاتف: 01003528603

4-     مكتبة ديوان بالإسكندرية

5-     مكتبة القلعة

15 ش علي ذو الفقار بكفر عبده

6-     مكتبة ليليت

7- الخياط بوك ستور

طنطا:

‏المكتبة القومية الحديثة: 6 شارع القاضي

هاتف: 0403349069

الشرقية /الزقازيق:

1-     الميدان

2-     مكتبة حروف

بورسعيد:

1-     كتابيكو

2-     أولاد نسيم

أسيوط:

مكتبة ألف

مكتبة ومضة

الأقصر:

مكتبة حرف - حي الفيروز ، ش عبدالله بن مسعود، أمام مديرية الأمن