"الرياضة كالسياسة. فعندنا حزازات وضغائن ومنافسات ودسائس. وعندنا صحف للتأييد وصحف للمعارضة. وإن قيل في البلد نهضة رياضية قلت نعم ولكن ان...
"الرياضة كالسياسة. فعندنا حزازات وضغائن ومنافسات ودسائس. وعندنا صحف للتأييد وصحف للمعارضة. وإن قيل في البلد نهضة رياضية قلت نعم ولكن انتابتها عوامل الاختلال والاعتلال... أحضر مباراة بين فريق مصري وفريق إنجليزي. وأرى أعضاء النادي المصريين متأخرين. ها قد صفر الحكم وليس في الميدان إلا خمسة أو ستة.. والمتأخرون ينقسمون إلى أحزاب. فحزب تعبان من "سهرة إمبارح" وحزب لا يريد "اللعب والسلام".. الخلاصة أننا في حاجة إلى الإصلاح"[1]
في زمن آخر، ظهر المشير محمد عبد الحليم أبو غزالة
وأبو غزالة كان وزير الدفاع في مصر، وأصبح مساعدا لرئيس الجمهورية قبل أن تنتهي مسيرته العسكرية والسياسية
في شبابه، كان أبو غزالة من عشاق الساحرة المستديرة
وكان القائد العسكري الذي عمل على تطوير مدرسة المدفعية فـي ألماظة، يشارك الجنود فـي لعب كرة القدم حين كان رئيسًا لأركان المدفعية.. ولم يكن مستغربًا أن يتصايح اللاعبون فـي مدرسة المدفعية وهم من الجنود فيما بينهم، مرددين "العب يا فندم" أو "باصي يا فندم"، عندما كان رئيس أركان سلاح المدفعية المصرية يشاركهم تلك اللحظات الرياضية[2]
عشق أبو غزالة لعب كرة القدم، وعُرِفَ عنه أنه أهلاوي صميم. وكانت مباريات النادي الأهلي هي الوليمة التي يجتمع عندها الأحباب ويُدعى لها الأقارب والأصحاب. وعندما ينفعل الحاضرون بالتشجيع والهتاف والانتقاد أيضًا وهم يشاهدون المباراة على شاشة التليفزيون، كان أبو غزالة أشدهم انفعالا، إلا أنه إذا أراد أن ينتقد لاعبًا فإن أقسى الألفاظ عنده هو أن يقول: "ريعو النهاردة وحش". وقد كانت ستينيات القرن العشرين في كرة القدم المصرية زمن ريعو والسايس والفناجيلي والشيخ طه إسماعيل
وربما زادت خفة ظله من شعبيته، فقد كان حاضر الذهن سريع البديهة، فضلا عن تذوقه للنكتة بابتسامة خفيفة
حدث أن فاز الأهلي على الزمالك فـي ستينيات القرن العشرين بثلاثة أهداف نظيفة، فأرسل تلغرافًا يسوق فيه التعازي إلى زوج أخته، إذ كان من مشجعي الزمالك. وعندما تلقى زوج الأخت التلغراف لم يجد فيه سوى عبارة "تعازينا فـي الثلاثي المرح"[3]
وفي عام 1987، نشر الكاتب د. روبرت سبرنغبورغ دراسة مهمة على امتداد 12 صفحة فـي مجلة "ميدل ايست ريبورت" كان عنوانها "الرئيس والمشير.. العلاقات المدنية العسكرية فـي مصر اليوم"[4]
وضع سبرنغبورغ يده على أوجه التشابه والاختلاف بين مبارك وأبو غزالة فـي مقاله المذكور وأيضًا فـي كتاب صدر فـي الولايات المتحدة عام 1989 تحت عنوان: "مصر مبارك وتكسير النظام السياسي"[5]
كان من المتفق تمامًا مع الخلفية العسكرية لمبارك، أن يسعى ضمن ما كان يسعى إليه فـي أعقاب توليه السلطة فـي مصر، إلى استعادة ما فقده الجيش من تقديرٍ لدوره بالإضافة إلى بعض النفوذ السياسي
ويقول سبرنغبورغ: "منذ 1979، حين كان أبو غزالة ملحقًا عسكريًا فـي واشنطن، ومبارك نائبًا للرئيس، عمل الاثنان معًا فـي تطوير برنامج المعونة العسكرية مع الولايات المتحدة"
اختلفت القناعات السياسية والسلوك السياسي لكل من مبارك وأبو غزالة فـي الشكل والمضمون
إذ يقول سبرنغبورغ: "وبالرغم من أن مبارك وأبو غزالة يمتلك كل منهما صفات شخصية متميزة، ويشتركان في الخبرات، الأمر الذي سهَّل قيام هذه العلاقة السياسية الحميمة، فإنه فـي الواقع، كان الرجلان مختلفين اختلافًا كبيرًا. فأبو غزالة شخصية ذات منطق واضح، قوية وطموح. كما أن مقابلاته غير المسجلة مع الصحفيين الأمريكيين، تعطي المشاهد انطباعًا بقدرته على مواجهة المسائل مباشرة وبشكل محدد - بعكس مبارك- الذي يعطي انطباعًا بأنه حمل عناء الرئاسة كرهًا، وقرر - بصرف النظر عن الواجب- أداء الوظيفة بأفضل ما يمكنه. ويعطي أبو غزالة انطباعًا بأنه يتطلع إلى السلطة، ويريد تنفيذ برنامجه، ويتمتع أبو غزالة بجاذبيةٍ شخصية مختلفة عن الشخصية التي يوحي بها المظهر لمبارك. وإثر اغتيال السادات مباشرة، وقف أبو غزالة منتصبًا، مشيرًا بعصا المارشالية إلى القاتل الفار، مصدرًا الأوامر بمطاردته، بينما لم يفعل مبارك ذلك. سعى مبارك - الذي يتمتع بمزاج إداري- إلى دمج اتجاهات عدة فـي السياسة المصرية، وإعادة بعض التوازن إلى العلاقات المصرية الخارجية، فيما يعد أبو غزالة محافظًا صريحًا، شديد العداء للشيوعية، وبالمقابل مواليا للولايات المتحدة، وقد أكد أن أمن مصر لا ينفصل عن أمن الولايات المتحدة وحلف الأطلنطي. وبعكس تفضيل مبارك الواضح للعلمانية، فقد اكتسب أبو غزالة صورة التدين، وهو يتمتع بالشعبية داخل العديد من الدوائر الدينية، وترتدي زوجته وحدها تقريبًا بين زوجات الوزراء الحجاب الإسلامي في المناسبات العامة"
الطريف أن الباحث الأميركي يشير إلى قضية كرة القدم والتفاؤل، وتأثيرهما على شعبية الرجلين، فقد "كان أبو غزالة يتمتع بحسن الطالع، إذ كان يتناوب مع الرئيس فـي حضور مباريات كرة القدم المهمة، وتصادف أن فاز منتخب مصر لكرة القدم فـي عددٍ من المباريات المهمة التي كان المشير يتقدم فيها الحضور، ما زاد من شعبيته. وقد استمر هذا الارتباط حتى أصبح فـي عام 1986 نكتة شائعة. وفي صيف تلك السنة فاز الفريق المصري بمعجزة بكأس إفريقيا بينما كان مبارك يشجعه، وأطلق على الكأس فورًا لقب كأس مبارك"
ولعقود طويلة، "كان الفريق القومي يقوم بما تقوم به مصر كلها طوال الوقت، وهو أن نبقي الأمور على حالها، وعندما نسعى إلى تغييرها فإننا نفعل ذلك مصاحبًا بقدر غير قليل من الاعتذار"[6]، وما بين الحماس وخيبة الأمل يصيبنا الإعياء، فتسقط مصر مثل الثمرة الناضجة إلى أرض تجربة عقيمة أخرى. ويسرد د. عبد المنعم سعيد عددًا من الأمثلة على هذا التشابه في عدم الاستمرارية بين منتخب الكرة المصري ومصر كدولة ومؤسسات: "التنمية التي تحدث لبضع سنوات (الصمود أمام البرازيل والفوز على إيطاليا) ولكننا لا نصل أبدًا إلى الحالة "المستدامة" والتي ساعتها تأخذ كرة القدم حجمها الحقيقي من اهتماماتنا الوطنية؛ والديمقراطية التي تجرى فيها انتخابات كثيرة"[7]
غير أن إعصار الفرح الذي اجتاح مصر كان عنوانه: التأهل إلى مونديال إيطاليا عام 1990
الهوامش
[1] فكري أباظة، مجلة "عالم الرياضة البدنية"، القاهرة، 1925، في: حسن المستكاوي، إصلاح من 85 سنة، جريدة "الشروق"، القاهرة، 24 أغسطس 2010
[2] د. ياسر ثابت، فيلم مصري طويل، مركز الحضارة العربية، القاهرة، 2010، ص 98
[3] المرجع السابق، ص 98- 99
[4] Robert Springborg, The President and the Field Marshal: Civil-Military Relations in Egypt Today, MERIP Middle East Report, No. 147, Egypt's Critical Moment (Jul. - Aug., 1987), pp. 4-16
[5] Robert Springborg, Mubarak's Egypt: Fragmentation of the Political Order. Boulder: Westview Press, 1989
[6] د. عبد المنعم سعيد، لا تهنوا.. ولا تحزنوا، جريدة "الأهرام"، القاهرة، 29 يونيو 2009
[7] المرجع السابق
جميل الربط بين السياسة والكورة فى المقال
ReplyDeleteوجميل توضيح صفات هؤلاء القادة من خلال تأثرهم الرياضى وسلوكهم فيه
مبارك هو من قضى على اى بديل محتمل ليه ولا يزال
ازاح ابو غزالة ومن قبله الشاذلى ودمج الدولة كلها ليديرها بالطوارئ
يقال ان ابوغزالة كانت له رؤية عسكرية من حيث تخطيط لتسليح واعداد الجيش المصرى
وهو ما لم يعجب امريكا وسارع مبارك بازاحته
ارجو التصحيح ان كنت مخطئا
نود ان نسمع من شاهد عيان على الاحداث
الكورة قبل عصر مبارك كان يشاهدها القادة و ولا يسيطرون عليها اما مبارك فاستخدمها للدعاية له شخصيا
رغم ان وشه وحش على الاهلى والمنتخب هههههههههه اى والله
فعلا الكورة تصف حال مصر صعودا وهبوطا
مقال جميل يا دكتور
دمت بكل ود
السلام عليكم
ReplyDeleteدائما تمتعنا يادكتور
اين أيام رفعت الفناجيلي و نصحي و الوحش
****
و لا حازم و رضا
***
لكن ما استفدته من هذه التدوينة الجميلة غن فعلا هناك ناس حسنة الطالع مثل الغزالي الله يرجمه. لو الامر هكذا نعرف من حضر مباراة الزمالك بالأمس
بعدما كان الناس يتساءلون هو الزمالك هيتهزم من مين النهاردة هههه لكن سبحان الله الظاهر فعلا في - وشها حلو-
***
لما كان كابتن لطيف بيحضر مبارايت الاسماعيلي كانت الناس تهتف وشك حلو يا لطيف
و لما معلق لن نذكر اسمه لانه حي يرزق يحضر كان الناس تقول له وشك و حش و حاجات تانية
***
مع خالص تحياتي
بعد التحية
ReplyDeleteالرجا المشاركة و ابداء الرأي
http://www.facebook.com/video/video.php?v=428513318847&ref=mf
شمس العصاري
ReplyDeleteشكرا لك على المتابعة والتعليق الجميل
الحقيقة أن كرة القدم لم تنفصل يوما عن السياسة في مصر
كتبت سلسلة تدوينات عن المشير أبو غزالة وحياته من الصعود إلى الهبوط، ونشرتها في مدونة "قبل الطوفان" في سبتمبر 2008، كما نشرت موسعة في كتاب "فيلم مصري طويل" (مركز الحضارة العربية، القاهرة)
أعتقد أن حكاية أبو غزالة مع السياسة وكرة القدم سخية بالتفاصيل
مودتي
Sonnet
ReplyDeleteأشكرك يا عزيزتي على اهتمامك ومتابعتك
كرة القدم في مصر حافلة بالتفاصيل المدهشة واللاعبين البارعين، وتركيزي هنا هو على العلاقة بين الساحرة المستديرة ولعبة السياسة
كلاهما لعبتان، ولكل منهما تأثيرها على الأخرى.. حتى الآن
أستاذ ياسر،
ReplyDeleteكعادة كتاباتك ما أن أبدأ بالقراءة لا أستطيع التوقف، أذكر أنني تعثرت-لحسن حظي- بمدونتك في ال2009 و قضيت أياماً لا أفعل شئ بعد دوامي سوى قرائتها حتى أنهيتها، و من وقتها و انا مواظبة على القراءة لك
و رغم كرمك في توفير كتاباتك لزوار الأنترنت في كل أنحاء العالم عبر هذه المدونه إلا أنني أفضل أن أحتفظ بكتبك و أٌثري مكتبتي المتواضعه بها
بحثت في بعض المكتبات بالكويت و لم أجدها، فهل لي أن أسألك أن ترشدني أين يمكنني أن أجد مطبوعاتك داخل دولة الكويت؟
شكرا
نسرين بسيوني البورنو
Hypatia
ReplyDeleteشكرا لك يا عزيزتي نسرين على هذا التقدير الذي يسعدني كثيرا
عادة ما أضع في المدونة أصول الموضوعات، غير أن الكتب تتضمن إضافات وتنقيحات وتعديلات كثيرة، مع تحديد المصادر والمراجع
ما أعرفه عن يقين هو أن مكتبة جرير في الكويت بها كتابان أو ثلاثة لي: كتاب الرغبة، جرائم العاطفة في مصر النازفة، كتاب الرغبة
أما باقي المؤلفات فسوف أسأل لك عن المكتبات التي يمكن أن تجديها فيها، وهي على أي حال موجودةإما في مصر أو لبنان
إن أردت التواصل أو الاستفسار عن شيء آخر، يمكنك مراسلتي على بريدي الإلكتروني الموجودة في صفحة بيانات المدونة
مع خالص المودة
الاسماعيلى يلعب كرة حلوة ... ماشى
ReplyDeleteالاسماعيلى بيت الفن الكروى .... برضه ماشى
انما تخلوها 4 ده كتير قوى والله يا دكتور هههههههههههههههههه
كان كفاية واحد او 2
احنا كنا نسينا الاربعات من حوالى 8 سنين ليه بتفكرونا بايام اوتاكا ومحمد صلاح ابوجريشة
هههههههههههههه
يا جماعة عاوزين تنتقموا ... انتقموا من حكم اللقاء الاول هههههههههههههه مش من الاهلى
مكنش العشم يا دكتور
هههههههههههه
تعليقى للمزاح فقط
ومبروك الفوز وبالتوفيق فى الدورى
شمس العصاري
ReplyDeleteشخصيا، أحيي الدراويش على فوزهم الكبير على الأهلي 4-2، ومع أنني لست من مشجعيه، فإنني أكن لهذا الفريق كل التقدير والإعجاب
كرة الإسماعيلي ساحرة مع أن النادي يفقد في كل موسم عددا من أفضل لاعبيه بسبب تهافت الأندية الكبرى على ضمهم
ورباعية الإسماعيلي في مرمى الأهلي أثبتت من جديد أن الكرة الجميلة لها ومضات تألق مدهشة، على الرغم من الظروف المالية الصعبة التي يمر بها النادي
مودتي
جمهورية كرة القدم - هذا هو ما آل إليه الحال فى مصر
ReplyDeleteمقال ممتاز ومتعوب عليه اوي
ReplyDeleteBenBaz
ReplyDeleteأشكرك على القراءة وتقدير المحتوى
أتمنى أن أكون عند حسن ظنك بي دائما
Bienveillants أوفياء مصر d'Égypte
ReplyDeleteيبدو أنه لم يعد لدينا في مصر سوى جمهورية واحدة: كرة القدم
لكنها تعاني أيضا من أمراض عدة، سنتحدث عنها لاحقا بإذن الله
Il semble que vous soyez un expert dans ce domaine, vos remarques sont tres interessantes, merci.
ReplyDelete- Daniel
Daniel
ReplyDeleteThank you Daniel for your comment and follow up of my blog
Regards