تلك النخلة

"تسأل عن سحابة؟ مرت على جبيني وظلّلت عيني بالكآبة وأنت يا جار الرضى من فتح الجراح؟" ديوان فدوى طوقان-دار العودة- بيروت- ص:411 في ك...













"تسأل عن سحابة؟
مرت على جبيني
وظلّلت عيني بالكآبة
وأنت يا جار الرضى من فتح الجراح؟"

ديوان فدوى طوقان-دار العودة- بيروت- ص:411



في كتاب الحظ يعيد اللاعبُ اللذة سيرتها الأولى

يستدرج وردةَ المجهول إلى غرفته الضيقة.. ويستدعي طيور الحبر إلى جذوته..أنفاسه الدافئة تحكم إغلاق الستائر.. ثم بأصابعه المراوغة يطفيء نور الغرفة

في كتابِ الحياة للعبة قوانين أخرى: تارة تنام قرير العين كأنك غيمةٌ تؤمن بأنها حبلى بوعود المطر

تبتسم بوجهك الذي يشبه غابة الأبنوس

وتعشق مثلي كارم محمود وهو يشدو "أمانة يا ليل"..تصطاد أسراب الأحلام التي تحلق في حياتنا كعصافير ملونة..وتقتفي أثر الغريب الذي لم يعد.. لتكون أول ممسوس بشهقة الحنين

هأنت تقطف من ثمرة شمس تكشف لك عن مرمر ساقيها.. لكن ماء الحياة لا يروي ظمأك

قلقك الخلاًق يعزف لحناً غجرياً.. لكنك تفضل موسيقى زوربا الذي يرقص في جذل على إيقاع وحدته

وتارةً ثانية يأكلك الانكسار وتسقط لغتك من شرفة التعبير.. وتميد بك الروح

تعرف أن اللغة ليست ورقة زجاجية وإنما هي عدسة تكبر وتكشف.. وتعاني مع من يرفعون شعار "الجبن سيد الأخلاق" معاناة الزمان

توجعك ازدواجية يفرضها مخمورون ضلوا طريقهم إلى غرامك الأول.. ورقابة ترتاب في قلمك

ومن قلمك.. إلى قلبك

والقلب بحر طامع.. والشيب موج طالع.. وما بين الاثنين تهزك بعنف قسوة متطلبات الحياة: لست وحدك

تلف نفسك بكفن أبيض وتخرج إلى الشارع..متأبطاً أفكارك

أفكار للبيع..أفكار للبيع

فليكن.. سأمنح باقة أفكاري هديةً مجانية لكل زائر

وامرأةٌ تتسلق عرشك

تدنو ثم تنأى.. تمنح قبل أن تمنع

تأكل من حلوى القلب..الذي يتفتت كي يسهل عليها مضغه

وهي عارية الأسنان.. تأكل.. وتأكل .. وتأكل

لا تشبع..ثم تتركك قائماً

امرأة تحترف القتل الرحيم..وحرب الأعصاب

ولا تنسى أن تودعك بجملة أنثوية جارحة: "فلنكن.. صديقين"

يا الله.. ما أصعب الكلام

توقع الآخرين في شرك الإصغاء إلى إيقاع كلماتك.. تموت حتى تشرق حروفك كل صباح.. وتكتب مثل خورخي لويس بورخيس "التاريخ الكوني للخزي".. غير أن مشرط الكتابة قد يكون جارحاً في يديك أكثر من المبضع في يد الجراح

نثرك المنحوت بإزميل الصدق هو البوصلة

كلماتك الأخيرة: القلوبُ أوعية الأسرار.. والشفاه أقفالها.. والألسن مفاتيحها..فليحفظ كل منكم مفتاح سره

المجدُ للفراشات.. فهي الوحيدة بين الأحياء التي تموت في حضن الضياء

الآن تكون سريراً للغيمة والأنواء.. ويأتي العابرون كي يضعوا رؤوسهم على كتف مدونتك..يسرقون ظلك.. قبل أن يرحلوا

يرحلون

لكن كلماتك تبقى

وتبقى معها تلك النخلة الطالعة من أسوار الروح: صداقتنا

ردود

تعليق المدونة: 11
  1. جميلة جدا يا ياسر وصادقة
    محبتي الخالصة دائما

    ReplyDelete
  2. بسم الله ما شاء الله
    جميلة و الله
    المجد للفراشات و لياسر ثابت كمان

    ReplyDelete
  3. ياسر..

    هاأنت تعيد النجوم إلي دورتها وتحتفظ بالبريق لنفسك.

    كيف تفعل هذا؟

    النخلة.. مرفأ التائه، وظل العائش في الهجير، ودليل السفن في بحر صحراء الحيرة.
    وهي أيضا التي تتعرض لصفعات الرياح في زمن العاصفة كي تحمي الواحة

    طوبي لكل نخيل الكرم العالي
    وأنت منهم

    محبتي

    ReplyDelete
  4. أسامة: شكرا لك أيها الصديق الجميل
    زنجي: يسعدني مرورك وتعليقك..بالرغم من انشغالك بامتحاناتك.. بالتوفيق دائماً
    طبيب نفسي: أنت أيضا من ثمار النخيل العالي برؤيتك العميقة وتحليلك الرائع للأمور

    ReplyDelete
  5. yasser
    مؤثرة جدا
    لا اعرف لمذا خيل الي للحظات انك تكلم نفسك

    ReplyDelete
  6. ياسر حبيبي الجميل انت رحت فين امبارح دخلت وخرجت دون ان تعطينا الفرصة لنتبادل معك التحيات
    وانا قد ادمنت الجميل ياسر هذه الروح المحلقة التي تبث فينا البهجة والامل
    اشكرك يا جميل على عطاياك
    فيه مقال جديد ياريت تبص فيه وتقولي رأيك بجد برضه وياريت تطل على الواد مالك عنده كلام عن صاحبك احمد والي
    محبتي الدائمة
    اسامة

    ReplyDelete
  7. رات: كأنه.. أنا
    تفترق بنا الطرق أحياناً.. لكن تبقى طريقنا واحدة في غايتها
    أسامة: أشكرك.. لعلك تعرف أسباب انشغالي.. سأقرأ نصك على الفور.. وأعتذر عن التأخير

    ReplyDelete
  8. ستبقي الكلمة بين أناملك راقصة باليه تتشكل بألف شكل....أمتعتني

    تحياتي

    :-)

    ReplyDelete
  9. أيمن الجندي: مرحباً بك دائماً..المدونة وصاحبها يهديانك وردة محبة

    ReplyDelete
  10. دكتور
    تعليقي بعد أكثر من عامين من وضع هذا النص
    والأكيد أن هذه المدونة أصبحت كتف للراحة كما تمنيت يومها.. بل أكثر من ذلك أعتقد أنهم يأتون لينعموا بالظل لا ليسرقونه

    :)
    دمت بخير

    ReplyDelete
  11. Basma


    عامان مرا؟

    كأنه الأمس القريب

    لو أن هذه المدونة منحت أياً من أحبتي وأصدقائي كتفاً ليرتاحواعليها، لكانت تلك مكافأتي في تلك الرحلة المذهلة

    بسمة..شكراً لك لإعادتي إلى هذه التدوينة

    ReplyDelete

Name

إعلام,20,الحكواتي,234,المحروسة,299,بشر,139,رياضة,105,سينما,11,مؤلفات ياسر ثابت,90,مروج الذهب,164,مساخر,51,وطني الأكبر,27,
ltr
item
قبل الطوفان: تلك النخلة
تلك النخلة
http://photos1.blogger.com/blogger/3732/2307/320/sadness_2001.jpg
قبل الطوفان
https://yasser-best.blogspot.com/2006/06/blog-post_04.html
https://yasser-best.blogspot.com/
https://yasser-best.blogspot.com/
https://yasser-best.blogspot.com/2006/06/blog-post_04.html
true
5099734155506698511
UTF-8
تحميل كل الموضوعات ليس هناك أي موضوع مشاهدة الكل تابع القراءة تعليق مسح التعليق حذف الناشر الرئيسية الصفحات الموضوعات مشاهدة الكل اقرأ أيضا قسم أرشيف ابحث كل الموضوعات لم يتم إيجاد موضوع يطابق بحثك عودة إلى الرئيسية الأحد الاثنين الثلاثاء الأربعاء الخميس الجمعة السبت الأحد الإثنين الثلاثاء الأربعاء الخميس الجمعة السبت جانفي فيفري مارس أفريل ماي جوان جويلية أوت سبتمبر أكتوبر نوفمبر ديسمبر جانفي فيفري مارس أفريل ماي جوان جويلية أوت سبتمبر أكتوبر نوفمبر ديسمبر اللحظة قبل دقيقة $$1$$ قبل دقيقة قبل ساعة $$1$$ قبل ساعة أمس $$1$$ قبل يوم $$1$$ قبل أسبوع قبل أكثر من 5 أسابيع متابعون تابع محتوى مشروط اضغط لفك التشفير انسخ الكود ظلّل الكود تم نسخ الكود في الكيوبرد لم يتم نسخ الكود/ النص, اضغط [CTRL]+[C] (or CMD+C with Mac) للنسخ